نعود معكم الى المدينة الخضراء ، مدينة بورصا التركية ،حيث سنأخذكم الان الى الوصف الكامل لرحلتنا .
كما أخبرناكم سابقا رحلتنا كانت بتنظيم من المنظمة العربية للسياحة وبالتعاون مع ولاية بورصا ، وطبعا الرحلة كانت على متن الخطوط الجوية التركية ، وهي واحدة من أهم 10 خطوط طيران في العالم وهي الحاصلة على جائزة أفضل خطوط طيران في اوروبا للسنة السادسة على التوالي .
كان في انتظارنا هذا الباص المريح التابع لشركة رحلات عباسي Abbasi Tour وهي شركة سياحية تركية مقرها بورصا ولكنها تقدم خدماتها في جميع أنحاء جمهورية تركيا ، وهذا موقعها الالكتروني لمزيد من المعلومات
ذهبنا مباشرة الى العبارة التي ستنقلنا مع الباص الى مدينة يلوا والتي منها سنكمل مسيرنا بالباص الى مدينة بورصا .
الرحلة بالعبارة كانت رائعة ، الأجواء لطيفة المناظر حولنا جميلة ، ولعل أهم ما ميز الرحلة مرافقة طائر النورس لنا ، منظر رائع ان تلقي بقطع الخبز في الجو وأن تجد كل قطعة يلتقطها أحد طيور النورس .
واقتربنا من شاطئ يلوا حيث كانت الغيوم تلف السماء ولكن بدون أمطار .
عدنا الى الباص وواصلنا رحلتنا الى بورصا ، وفي الطريق لاحظنا بقايا من الثلوج التي سقطت مؤخرا ، حيث كانت رحلتنا في شهر فبراير .
ما يقارب ساعة من الزمن كانت استراحة ما بعد الوصول وبعدها توجهنا مباشرة لواحد من أهم معالم المدينة ، ألا وهو الشجرة المعمرة أو الشجرة التاريخية .
عند الوصول استقبلتنا هذه السيدة العجوز التي تبيع بعض من الفواكه اللذيذه والطازجة
ثم قابلنا عديد من المتاجر الصغيرة التي تبيع بعض المنتجات التراثية والمنسوجات المحلية .
وها هي شجرتنا ، عمرها أكثر من 600 عام ولا زالت شامخة وقوية ، بالنسبة للأتراك هي ليست شجرة معمرة فقط ، بل هي ترمز الى قوة الدولة العثمانية وتاريخها القوي على مدى مئات الأعوام التي حكمت فيها كثير من بلاد العالم .
ولعل ما يدل على اعتزاز الأتراك بهذه الشجرة كقيمة تاريخية هو زيارتها من قبل الأتراك أنفسهم وليس فقط من السياح .
كما يوجد بجوار الشجرة كثير من المطاعم والمقاهي تعتبر مكانا مناسبا للتجمع واللقاء ، وذلك كما يظهر في الصورة التي في الأسفل ، كما يمكنكم ملاحظة حجم أحد أغصان الشجرة .
ونحن نغادر ، وما بين المتاجر الصغيرة قابلنا هذه الفتاة الجميلة والتي تقوم بعمل وبيع القهوة العثمانية الأصلية على الرمل ، القهوة لونها يميل الى اللون البني الفاتح ، وشخصيا لم استسغ طعمها مع ان الكثير من رفاقنا اعجب بطعمها .
تابعنا رحلتنا لوجهه اخرى ، وفي الطريق مررنا على واحد من أقدم حمامات مدينة بورصا والتي كما اخبرناكم سابقا تشتهر بحمامات المياه الساخنة وبحماماتها الكثيرة سواء القديم منها ام الجديد .
وجهتنا كانت زيارة قبر اورخان غازي وهو ثاني سلاطين العثمانيين بعد والده عثمان الأول وهو فاتح مدينة بورصا بعد حصارها لأكثر من 10 سنوات .
غادرت مسرعا قبل باقي المجموعة وقمت بشراء قليل من الكستناء المشوية الشهية التي تشتهر بها مدينة بورصا ، الطعم لذيذ جدا لدرجة انني قمت بشراء كمية اخرى وتناولتها وحيدا ، لا تذهب الى بورصا بدون ان تأكل الكستناء المشوية هناك .
بجوار الضريح يوجد منطقة إطلالة جميلة جدا ، منها يمكنكم رؤية مدينة بورصا بالكامل ، وقد أصبحت مكان لتجمع العائلات وقضاء بعض الوقت .
تابعنا رحلتنا مباشرة الى السوق المغطى في مدينة بورصا ، هنا تباع جميع المنتجات ، بداية من الذهب الى الخضروات مرورا بالملابس الجاهزة والمنتجات الجلدية والألعاب وغيرها الكثير .
من خلال السوق المغطي يمكنكم الانتقال الى سوق الحرير ” كوزا خان ” ، تم بناء هذا السوق في القرن الخامس عشر على يد السلطان بايزيد الثاني عام 1490، وهو من أهم مراكز بيع الحرير عالي الجودة ومحط أنظار تجار الحرير وكان هذا السوق نقطة انتهاء القوافل القادمة من الصين المحمل بأفخم انواع الحرير الصيني.
ويتوسط السوق العديد من المطاعم والمقاهي .
وأثناء مغادرتكم لسوق الحرير لا تنسوا المرور بمسجد بورصا الكبير ” أولو جامع “
في اليوم التالي رحلتنا كانت مبكرة جدا وبدأت بزيارة أحد أهم الأضرحة في تركيا وبورصا ، ويضم قبر السلطان مراد الثاني ، وهو واحد من أهم سلاطين الدولة العثمانية وكان له دور كبير في الفتوحات في ذلك الوقت خاصة في اوروبا .
السلطان مراد هو والد السلطان محمد الفاتح ، فاتح القسطنطينية والتي أصبحت عاصمة الخلافة العثمانية بعد مدينة بورصا .
وهذا هو قبر السلطان مراد ، جدير بالذكر أنه يوجد العديد من القبور في نفس المنطقة تخص أفراد من عائلة السلطان مراد .
ثم توجهنا الى أحد المتاحف التاريخية في المدينة ، المتحف يسمى اولومي وهو متحف خاص ولكنه مميز ويحتوي على كثير من المنتجات والمعدات العثمانية القديمة .
تم انشاء المتحف في عام 2004 ويركز أكثر شي على الملابس القديمة للسكان ، هنا ستجد جميع أنواع الملابس سواء للرجال أو النساء ، للكبار أو الصغار ، للفقراء أم الأغنياء ، للفلاحين ، لرجال الدين من جميع الأديان والطوائف .
شي آخر يركز عليه المتحف هو المجوهرات ، كل ما تتخيل من مجوهرات قديمة ستجدها هنا سواء من الذهب الخالص أو التي تحتوى على الأحجار الكريمة .
بالإضافة الى المجوهرات والملابس ، يوجد كثير من المعدات القديمة التي يمكنكم رؤيتها في هذا المتحف الجميل .
بعد ذلك توجهنا الى قرية سعيد أباز ، شخصيا كانت هذه الوجهه من أهم الزيارات التي أحببتها ، هي قرية جبلية وريفية مثلها مثل أي قرية اخرى ولكن ما يميزها هو هذا المطعم .
المطعم دائما عامر بالكثير من الزوار سواء من السياح او من سكان مدينة بورصا ، حتى اننا جلسنا في غرفة المدير بسبب عدم وجود مقاعد في كامل الدورين من المطعم .
المطعم يقدم فقط وجبة الإفطار وتقدم ما بين الساعة الثامنة صباحا الى الساعة الرابعة عصرا .
جميع ما تراه في الصور في الأسفل هو منتجات طازجة ومن انتاج نفس القرية ، تمتع بعده أنواع من الأجبان والزيتون ، تمتع بالبيض الطازج ، تمتع بالعسل اللذيذ ، ثم تناول الشاي التركي الشهير .
الأكل بمبلغ ثابت لكل شخص ويمكنك طلب المزيد من أي صنف حتى تكتفي .
بالإضافة لتميز المطعم بالمنتجات المحلية الطازجة ، فجميع طاقم المطعم من أهالي القرية وخاصة من السيدات اللآتي يقمن بالطبخ والتجهيز .
المطعم بدأ بفكرة صغيرة من 5 سيدات ثم حظي بدعم بلدية القرية ، والآن ما يقارب 120 سيدة من سيدات القرية يعملن معا في هذا المشروع الرائع .
وبجوار المطعم يوجد هذا الشلال الصغير ما بين الجبال ، الأمطار الخفيفة زادت من روعة وجمال المنظر .
يومنا كان حافلا ومليئا بالوجهات الجميلة ، ذهبنا مباشرة الى القرية العثمانية القديمة جومالي كيزك CumaliKizik ، تقع هذه القرية على سفح جبل اولوداغ شرق مدينة بورصا وتبعد عنها حوالى 10 كيلومترات ، وهي واحدة من مجموعة قرى صغيرة تعود كلها الى قبيلة كيزك ، أما جومالي فتعني يوم الجمعة ، واسم القرية مأخوذ من التجمع يوم الجمعة سواء للصلاة أم للتجارة .
تعود هذه القرية الى حوالى 700 سنة وهي لازالت محافظة على نفس البناء المعماري القديم لعصور السلطنة العثمانية القديمة ، القرية مصنفة من قبل اليونيسكو كأحدى الوجهات التاريخية ، ويبلغ عدد منازل القرية 270 منزل منها ما يبلغ عمره حوالى 700 عام وهو على نفس الحال ، وجميع المنازل مبنية من الطابوق والخشب والقرميد .
كما يوجد بعض الجوامع والحمامات التركية التقليدية في القرية .
من هنا المدخل الى هذه القرية الجميلة ، حيث يوجد منطقة تجمع لبعض المتاجر الصغيرة والمطاعم والمقاهي ، هنا كل شي يتبع لأهل القرية ، حتى عندما نقول مقهى أو مطعم فهو أساسا منزل تم افتتاح الجزء السفلي منه ليكون مقهى أو مطعم .
هنا تجد الجميع يبيع المنتجات المحلية ، كل شي بداية من الخبز والحلويات والمخللات والعسل الى المطرزات والمشغولات الجميلة
كما أخبرناكم سابقا ، تلاحظون هنا طريقة البيع ، هو جزء من المنزل مخصص لبيع المنتجات ، الكثير من السياح يعشقون الشراء من هذه المنتجات أو يرغبون بتناول بعض المشروبات هنا ، وقد تناولنا هنا مشروب السحلب الرائع .
وهذا هو المنزل الأقدم في القرية ، على هذه الحال منذ حوالي 700 عام .
تابعنا مسيرنا بين أزقة القرية الضيقة ، انت هنا تعانق التاريخ وتمشي بين جدرانه .
وصلنا الى هذا المتحف الصغير والجميل ، يعرض المتحف الكثير من مقتنيات القرية القديمة .
هنا نرى صاحب السجلات ، وهو الكاتب الذي يسجل كل ما يتعلق بسجلات أهل القرية من ولادة ووفاة وغيرها من الأحداث .
وهذه صورة لأحد السجلات ، وهنا نلاحظ أن اللغة المستخدمة سابقا كانت هي اللغة العربية .
المتحف يعرض الكثير من المعدات التي كانت تستخدم في المنازل أو الحقول وبعض الأسلحة ومعدات الصيد التي كانت تستخدم سابقا وذلك كما نرى في الصورة التي في الأسفل .
غادرنا القرية وقد أصابنا الجوع من المشي بين أزقتها ، وكانت وجهتنا واحدا من أهم المطاعم في بورصا والمشهور بتقديم أشهر أطباق المدينة وهو طبق اسكندر .
الشاورمجي شخص محبوب جدا ويستقبل الزوار بابتسامة ويحرص أن يطعمك قليل من الشاورما بيده ، وأنا شخصيا أنصحكم جميعا بتذوق اللحم فقط بدون أي اضافات .
وهذا هو الطبق الأشهر في مدينة بورصا ، مكون من لحم الشاورما اللذيذ مع قليل من متبل الباذنجان والطماطم ولبن الزبادي الطازج ، ثم يضاف فوقها السمن الحار .
انه طبق مميز ولذيذ لنهاية يومنا الحافل بالتنقلات .
يومنا الثالث كان مميزا جدا بزيارة واحد من أهم معالم مدينة بورصا ان لم يكن في تركيا خاصة لمحبي التزلج على الثلوج .
انطلقنا الى الجبل العظيم ( جبل اولوداغ ) ، وعلى هذا الرابط يمكنكم متابعة الوصف الكامل للساعات الجميلة التي قضيناها بين الثلوج .
بعد زيارة جبل اولوداغ ، قمنا بجولة من التسوق في هذه المدينة الجميلة ، وبالمناسبة الأسعار هنا تعتبر أقل من اسطنبول نسبيا .
ومحطتنا كانت مركز كوروبارك Korupark ، مركز كبير وجميل ، متعدد الطوابق ويحتوي سوبرماركت وجميع أنواع المنتجات سواء للماركات العالمية أو المحلية ، اضافة الى العديد من المقاهي والمطاعم المميزة .
بعد ذلك انتقلنا الى وجهه ترفيهية جميلة في المدينة ، هنا حيث يمكنك البقاء لساعات طوال وستجد حتما ما تفعله ، وصلنا الى بوديوم بارك Podyum Park .
مقاهي ومطاعم متعددة تقدم جميع أنواع المأكولات التركية والعالمية جميعها في مكان واحد .
مركز سينما كامل .
ألعاب للأطفال ومسابح وقاعات رياضية .
وهنا كانت نهاية يومنا ونهاية رحلتا الى مدينة بورصا الخضراء ، حيث غادرنا في صباح اليوم التالي الى اسطنبول ومنها العودة الى جدة .
كانت رحلة لا تنسى شملت العديد من الوجهات الجميلة ، وهذا لا يعني انه لا يوجد وجهات اخرى ، يوجد العديد والكثير من الوجهات الجميلة والتي لم نتمكن من زيارتها لقصر أيام الرحلة .
